تفاقم آفة المخدرات
  • 18/11/2024
  • الاعلام الأمني : بقلم خليل المعافري

    نسلط الأضواء ونكشف في هذا الحيز  علل تفاقم آفة المخدرات بالاجابة على التساؤل المحوري "لماذا 
    (ارتفاع معدلات الإدمان والإتجار بالمخدرات)؟ 
    رغم الآثار والأضرار المدمرة  المتصاعدة،  
    وجهود أنشطة وبرامج الوقاية و المكافحة" 

    آفة المخدرات  (الآثار والأضرار المدمرة) 

    يرى الكثير من المتخصصين في شتى مجالات العلوم الإنسانية والإجتماعية أن المخدرات آفة و خطر حقيقي  يتهدد حياة الفرد والمجتمع معا، وفي نفس الوقت،  يضرب الجهاز العصبي ووظائفه الأساسية لتسير الحياة  السوية من تحكم
      في التوازن والتكامل، ويصبه اختلال واضطراب يزعزع الأمن والاستقرار، والعدالة والاتزان،  ويبدد الطاقة ويسئ توجيهها  ،  وينشر الفساد المادي والثقافي، ويدمر الاقتصاد ويوقف عملية التنمية، ويعزز الصراع،  ويفكك النظام، ويفتك بالأنساق الرئيسية والدفاعية منها  فيحكم بالفناء على الفرد والمجتمع، ناهك عن انعكاساتها آفة المخدرات على الجوانب الدينية. 

    (الجهود الوقائية والعلاجية) 

    تلك الأضرار والأثار الجمة النفسية والإجتماعية، دفعت إلى إقرار العالم شعوبا ودول ومنظمات أممية دون استثناء، تحريم وتجريم المخدرات واستخدامها غير المشروع،  عبر تشريعات وطنية ودولية تفرض إجراءات وعقوبات رادعة ، ومعالجات  فردية وجماعية ووقائية وعلاجية، تحد من انتشار المخدرات وجرائمها على مستوى الإنتاج والتصدير والاتجار والتعاطي والتهريب والنقل والبيع والشراء والترويج.
     ومحاربة تلك الجرائم  بصورة جماعية وعبر تعاون وتنسيق وتبادل المعلومات والخبرات،  وتعزيز الإجراءات الامنية،  ودعم أجهزة ووسائل الرقابة والضبط والملاحقة،  وتطوير أدوات وأجهزة ووسائل الكشف، وتوحيد وتحديد قوائم التصنيف للمواد المخدرة.
      كما ذهبت إلى تشديد الإجراءات التنظيمية للرقابة على الاستخدام المضبوط للمواد المخدرات من حيث التحديد الدقيق للكميات والأصناف والنسب المرخصة باستخدامها للأغراض العلاجية والدوائية، وتشريع عقابي للمخالفين على مستوى الدول والمؤسسات والأفراد ذات العلاقة، وتخصيص الاجهزة والمؤسسات والمنظمات الرقالية وتزويدها بالاجهزة والوسائل والإمكانيات والقدرات.
    ناهيك عن تخصيص وتشكيل المؤسسات والأجهزة والمنظمات واللجان الأممية والدولية، وعقد المؤتمرات والدورات والإجتماعات والندوات، وإجراء البحوث والدراسات وتنفيذ الدورات واعداد الاستراتيجيات والخطط والبرامج والانظمة الخاصة بالوقاية والمعالجة لظاهرة انتشار المخدرات ومواجهة ومحاربة جرائمها المختلفة ومتعلاقاتها. 

    استمرار الإشكاليةوتفاقم انتشارها
    ورغم كل تلك الإقرارات والقرارات والتشريعات والمعالجات والإجراءات الوقائية و والعلاجية بالمكافحة والمحاربة وتنفيذ الأحكام والعقوبات على جرائم المخدرات إلا أن المؤشرات تؤكد ارتفاع نسبة التعاطي والإدمان للمخدرات، ومعدلات سقوط المراهقين والشباب في وحلها،  وارتفاع معدل حجم  التجارة والإنتاج والزراعة والاستخراج  والتهريب والترويج،  وانتهاج  طرق ووسائل  متجددة ومبتكرة ومعقدة لعمليات التهريب، وبروز أصناف كثيرة وأشد خطورة  ، مع ارتفاع الأضرار والآثار المدمرة على مستوى الفرد والمجتمع، بالموت والتدمير المحقق، وانتشار الارهاب والتخريب و العنف والفوضى، وانتشار جرائم القتل وانتهاك القانون، وتفشي الفساد المالي والإداري والثقافي والتفكك الاسري، والانهيار الاقتصادي، وانتشار الأمراض والعاهات الإجتماعية والنفسية، وغياب الأمن والاستقرار والتنمية . 
    ذلك ما يدفع إلى التساؤلات حول عوامل ارتفاع نسبة انتشار جرائم المخدرات،  وأسباب إخفاق المجتمع المحلي والدولي وبرامج المكافحة والوقاية  في الحد من معدلات الإدمان وتجارة المخدرات غير المشروع والحد من الآثار والأضرار المدمرة ؟ 

    (عوامل انتشار جرائم المخدرات،  وأسباب إخفاق برامج المكافحة والوقاية  في الحد من معدلات الإدمان والاتجار) 

    الحقيقة ان المشكلة أكبر بكثير مما نتوقع فهي ظاهرة وبائية خطيرة، اجتماعية انسانية  من حيث التكرار والاستمرار والانتشار،ومن حيث طبيعة وتعدد الأسباب والعوامل الاجتماعية والنفسية،ومعقدة من حيث كونها مرتبطة بتعدد الأفعال الإجرامية والمتورطين والمتواطئين كأطراف في الجرائم المتعلقة والمرتبطة بها بصور شتى،  ومن حيث تعدد الاثار المدمرة والضحايا أفرادا ومجتمعات. 
    والتعامل معها أصعب مما نتخيل بكثير لارتباطها بالوعي والتأثير عليه وعلى السلوك ومراكز التحكم  من ناحية، والمنفعة والمصالح والثقافات والتأثر بها من جانب آخر،  واستغلالها كسلاح في الصراع الثقافي والسياسي والاجتماعي، وانتسابها للأمراض النفسية والإجتماعية، وانضوائها تحت الجرائم المنظمة عبر الوطنية المرتبطة بشبكات وتنظيمات ومافيا معقدت التركيب والانتشار والتخادم تفوق حجم الانظمة الرسمية،  وتملك من الاقتصاد والثروات ما يفوق ثروات دول ومن الخبرات والامكانيات والوسائل. 
    قضية المخدرات قضية معقدة كونها من الجرائم المركبة تراكميا ومزدوجة من حيث سلسلة الأفعال المرتكبة المصنفة جرائم مخدرات بالتوالي من المصدر إلى التعاطي أولا. 
    وثانيا  ارتباطها بسلسلة من الجرائم المصاحبة والمتصلة بدوائر تشكيل البيئة وتهيئة السوق المحتمل وتحويله إلى منطقة موبوءة،وتعبيد الطرقات والممرات، وتدمير الدفاعات  ودك العوائق والموانع.
      أما المستوى الثالث من الجرائم فهي متعلقة  بجرائم  عمليات التخلص من جهود الضبط  خلال ضخ وإغمار السوق والتخزين والتوزيع. 
    و المجال الرابع جرائم نتيجة التعاطي وفقدان السيطرة والتحكم.
      وهناك العديد من الجوانب والمجالات والعوامل والأسباب والخروقات والثغرات التشريعية والسياسية والإجتماعية والاقتصادية والامنية والجغرافية التي تحد من جهود المكافحة والمواجهة وتوسع دائرة الانتشار من أبرزها: 
    تعد جريمة المخدرات من الجرائم المنظمة عبر الحدود بكل خصائصها ونفوذها وغموضها و قواها وإمكانياتها وانتشارها وخططها واستراتيجياتها تلقي بكاهلها وخطورتها ومغامراتها وتخادمها مع الاطراف والتنظيمات الاخرى واختراقاتها  للحصون  والموانع وغيرها من العوامل تجعلها تتخذ كافة الوسائل والسبل والجرائم والأساليب و الاغراءات في سبيل انتشار الظاهرة وازدهارها وتحطيم القيود والزج بالشعوب في براثينها. 
    المردودات المادية والمكاسب الكبيرة  في معظم حلقات جرائم المخدرات مغرية  تفتح شهية ضعفاء النفوس وتشبع دوافعهم وحاجتهم  المريضة من نهم وانحراف معرفي وسقوط قيمي   ودوافع الاطماع والجشع والجهل وحب المال والثراء. 
     
    اجراءات الضبط والاثبات وإنفاذ القانون معقدة، وتحيطها كثير من المخاطر والمخاطرة، وتقيدها الانتشار والارتباطات خارج الحدود، وطبيعة العلاقات السياسية بين الدول، فيسقط  القشور وينجوا التجار الكبار من الوقوع  في أيدي الأمن والقضاء، ناهيك عن حجم الصعوبات التي تواجه إجراءات إنفاذ القانون، والدفاع المستميت من قبل عناصر جماعات وتنظيمات ومليشيا ومافيا المخدرات،  وتعقيدات كشف عناصر قمة ووسط الهرم التنظيمي للجرائم المنظمة بما فيها جرائم المخدرات ،  بذلك أصبح افلات العناصر الاجرامية من العقوبة في دوائر التنظيم واردة دوما. 
    الثغور البارزة في الاختلافات التشريعي، والقانوني، والتصنيف، والإجراءات الضبطية والقضائية، وتصنيف الجرائم والعقوبات، وازدواجية معايير التحريم والتجريم والعقاب وسبل المعالجات الاخرى، والجهود المبذولة، والامكانيات والخبرات، والاجهزة والوسائل. 
    الاختلال الكبير في الصراع الطويل والسباق المستمر بين التنظيمات الإجرامية ومافيا المخدرات من جهة وأجهزة مكافحة الجريمة من حيث الإمكانيات المادية، والبشرية، والتنسيق والتعاون والتكامل ،  وتبادل الأدوار، والأساليب والطرق والابتكارات، وتغطية المساحة والانتشار وحجم التضحيات، ومستوى التنظيم  وسرية الهياكل، و الاختراقات المتبادلة، والاستراتيجيات المتبعة، و القيود والتحديات والصعوبات والغايات والفرص، وتأثير الصراعات الإدارية والتنافسية والسياسية، ودور مستوى تأمين العوامل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والتكنولوجية والتقنية ، ومستويات المخاطر،وسبل الحماية ومستوى التنظيم وثقافته، والاغراءات والإيرادات  والإرادات.
     عند مقارنة تلك المعايير والعوامل تصب باتجاه انتشار المخدرات، وتفوق الابتكار في وسائل وطرق وأساليب الاختراق لصالح التنظيمات ومافيا المخدرات وتعزيز الانتشار.  
    تنوع  وتعدد المصادر، وطرق الإنتاج والتحضير للانواع والاشكال المختلفة، ومن حيث درجة التأثير والاسعار،مراحل الإدمان وطرق التعاطي وسبل الاستقطاب، واستراتيجيات الإغراء والتسويق، والترويج، والتشويق والإقناع.
    الانفجار السكاني، ومراكز انتشار الكثافة السكانية البيئة الخصبة لانتشار التجارة والتعاطي، وتدني الوعي والثقافة القانونية والصحية، وانتشار الأمراض الإجتماعية. 
     غياب الموضوعية والحياد والمصداقية، في مراحل ومفاصل إجراءات  المكافحة والمواجهة، وعملية  تشريع التحريم والتجريم، وفرض العقوبات وتنفيذها.
    تدني فعالية وفاعلة برامج المعالجة والوقاية، واستغلال الإنتاج المصرح به غطاء  في سبيل الاتجار غير المشروع  وعلى حساب الإنتاج المشروع. 
    استغلال واستخدام المخدرات استراتيجية لتدمير المجتمعات من قبل الطامحين والطامعين والأنظمة الإرهابية الرامية الى التوسع والتدخل في شئون الدول والمجتمعات، وتجيير عائداتها وأرباحها من تجارة المخدرات وعبر وكلائها في حربها التدميرية وغاياتها التوسعية السياسية  والاقتصادية. 
    ارتباطها بالتنظيم والعمل بالهيكلة الدقيق  مترامي الأطراف، متعددة الوظائف والمهام، والخلايا المتخصصة والمستقلة بذاتها في العملية التجارية  المنتشرة في النطاقات الجغرافية المنفصلة ظاهريا المتصلة والمتكاملة تنظيميا، وهو ما  يدعم الإفلات من المسؤولية التنظيمية للأنشطة التسلسلية،  مع تراكم الثروات والخبرات للمراكز المتسترة النائية عن مواطن الضبط والشبهات، ويحميها من العقوبات، فتستمر في الادارة التنظيمية الهرمية والحفاظ على أدوار المستويات العليا والمتوسطة  في الهرم الاداري لعصابات ومافياالمخدرات الأمر يحافظ ويشجع على الانتشار والاستمرار في العملية مع تضاعف وتراكم الاستقطاب، وبفضل المغامرات في الدفاع وتحرير المضبوطين والمضبوطات من عناصرها ومواردها بشتى الوسائل ، وهو ما يسهم في تعزيز عمليات التضحية  الفردية والمغامرات والانتشار الواسع. 
    وجود ثغرات بالانظمة المالية تسهم في توظيف الأموال من عمليات تجارة المخدرات  واضفاء المشروعية عليها عبر غسيل الاموال وغيرها من السبل الملتوية كالتعامل بالعملات الالكترونية، والاستثمار بالمناطق والدول الملتهبة بالصراعات والحروب ، وبالتالي استغلال الثروات في الهيمنة وخلق فرص الولوج إلى عالم الاقتصاد والاستثمار والتجارة والسياسة والأعمال المشروعة وكبح وتحجيم الرقابة باختراق الأنظمة الدفاعية والامنية ، ونشر الفساد وتهيئة البيئة وحكمها.   
    اقتران انتشار تجارة وتعاطي المخدرات بأعمال العنف  وإثارة الفوضى بتوظيف الأرباح الطائلة في زعزعة أمن واستقرار الدول ودعم الاضطرابات وتعزيز الصراعات ودعم التنظيمات الإرهابية والتخريبية واثارة الصراع السياسي وتشكل بيئة مناسبة للانتشار والاستمرار. 
    إنخراط وتورط دول وأنظمة ومؤسسات ومراكز وشخصيات في تجارة المخدرات وتعزيز انتشارها و حماية مصادر إنتاجها وتجارتها وهو ما يعزز الانتشار ويقوض  أمن الدول الأخرى وجهود المكافخة والوقاية  وخلق صراعات سياسية وإثارة الفوضى في إطار تعزيز النزاعات بغطاء ات متنوعة.
    إستفادة مافيا المخدرات  من النزاعات و الخلافات على مستوى العلاقات الدولية واستغلال الصراعات السياسية بين الدول  في نشر الحروب وكبح جهود المكافحة والمحاربة والوقاية من الظاهرة وتقليص عمليات التعاون والمشاركة الدولية في محاربة تجارة وانتشار المخدرات. 
    حجم وانتشار التنظيمات الإجرامية  وامكانيات وقدرات واستراتيجيات التنظيمات المتاجرة بالمخدرات، وأشتراك الأسواق والبيئات والظروف المؤاتية وتطابق سياسات واستراتيجيات التنظيمات المنخرطة في الجرائم المنظمة يعزز تخادمها مع بعضها البعض، ويشكل عقبات وتحديات كبيرة أمام المجتمعات والمؤسسات والأجهزة الدفاعية في ظل نظام التجارة العالمية او عولمة التجارة.  
    استغلال التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي وتقنيات الاتصال في التسويق والترويج والاستقطاب وتوسيع نطاق الإنتشار وتنفيذ الاستراتيجيات وتعزيز قدرات التنظيمات المتاجرة بالمخدرات خارج الإطار الجغرافي الضيق. 
    تعدد طرق الاستقطار والتركيز على المراهقين عبر شبكات التسويق والترويج بالشبكات، والعينات المجانية والاغراءات العاطفية والاستمالات النفسية المستخدمة . 
    ضعف مستوى التنسيق والتعاون والشراكة في تنفيذ  برامج المحاربة والمواجهة والمكافحة للمخدرات على المستوى الثنائي بين الدول والإقليمي وعلى مستوى أداء البرامج والآليات عمل المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة. 
    ضعف مستوى برامج التوجيه والتوعية  والإرشاد التي  لا تتناسب مع حجم  الانتشار ومغامرات الترويج والتسويق والخطورة التي تكتنفها الآفة والآثار المترتبة عليها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية والأخلاقية والأمنية. 
    ضعف الدور الوقائي والدفاعي  والثقافي والتوعوي  من قبل مؤسسات التنشئة الاجتماعية والتطبيع الاجتماعي . 
    اعتماد العصابات والمافيا على سياسة التدمير الممنهج لأجهزة ومؤسسات  الدولة  ونظامها واستهداف مؤسسات التنشئة ومنظومة  الدفاع الاجتماعي وتعزيز الاختلال الأمني والدفاعي والاقتصادي  ونشر الفساد في القضاء والدوائر الحكومية وتهميش دور المؤسسات والمنظمات الاجتماعية ونشر الجريمة عموما والرشوة  وغسيل الأموال والفساد المالي والإداري . 
     بالإضافة إلى طبيعة  جريمة  تعاطي المخدرات التي يدمن عليها الجسم، وظهور الأنواع الأكثر خطورة والتي تولد وتعززعمليات انتشار التعاطي وتحقق مصيبة الإدمان من اول جرعة،  مثل الشبو او ما يسمى بالكرستال، وذلك بسبب امتزاج مجمعة من السموم وتفاعلها مع بعظها مولدة الإدمان من أول وهلة، فمثل هذه الأنواع تنشر الإدمان بصورة كبيرة  خطيرة ومخيفة ومع أثارها وأضرارها المدمرة التي تدفع للأشكال مختلفة من الجرائم من هلوسات سمعية وبصرية  وشكوك مدمرة. 
    تركيز مافيا المخدرات على النشىء والشباب ضمن استراتيجياتها وسياساتها من أجل استمرار تجارتها نظرا لمستوى وعيهم وقدراتهم المتواضعة في  تقدير مخاطر المخدرات وآثرها، وتميز هذه الشريحة بالمغامرات والتجربة القاتلة والناتجة عن جهل وعدم إدراك المخاطر والآثار المدمرة. 
    اعتماد مافيا المخدرات على العلوم الانسانية (النفسية والاجتماعية ) وتقنيات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي في عملية التسويق والترويج والاستقطاب  وتجيير اخفاقات وانحرافات حضارت الإنسان التكنولوجية وادورها وآثارها السلبية النفسية والإجتماعية على الفرد والمجتمع لمشاريعها الإجرامية. 
    ويذهب الكثير إلى التأكيد على دور التشرد نتيجة الكوارث  والحروب والأزمات الاقتصادية والتسرب من التعليم والصراعات والنزاعات الاجتماعية  وتفكك الأسر والمجتمعات مدلج من مدالج التعاطي والاستقطاب من قبل التنظيمات ومافيا المخدرات. 

     


    (الحلول والمعالجات للحد من الظاهرة الوبئية) 


    التعامل مع هكذا ظاهرة شديدة الخطورة والآثار و التعقيد يتطلب اماطة اللثام عن المستور بالوقوف على الإخفاقات  في مجالات الوقاية والمكافحة ومعالجتها ، وتوحيد الجهود المحلية والوطنية والدولية على مستوى الغايات و التشريع إلى مجال التنفيذ بمسارات الوقاية والتحصين برسالة انسانية موحدة، والمكافحة والمواجهة بالحرب المعلنة في إطار آليات واضحة شفافة وأحكام وعقوبات موحدة ورادعة. 
    رصد ومعالجة مواطن الاختلال في نظام المكافحة بدقة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، ففي المجال التشريعي توحيد الإجراءات الرقابية  والعقوبات على مختلف المستويات الجغرافية الثلاث، ومن حيث التحريم والتجريم المحدد بدقة للمواد والتراكيب  والأعمال ،  والضبط للمفاهيم وتوحيد العقوبات  لمختلف جرائم المخدرات، لفرض الكشف عن العناصر المشاركة في المسؤولية والجهات المستفيدة من العمليات المختلفة، فعدم الإفصاح من قبل العناصر المضبوطة  عن بقية العناصر المنفذة للأعمال المتصلة والمتسلسلة والتكتم  والامتناع عن تقديم معلومات عن التنظيم للمافيا والتستر شراكة في تلك الجرائم والأعمال المحرمة والمجرمة كافة ،ووجوب تحمل المسؤولية عن استمرار دورة حياة الجريمة فيستحق تحمل المسؤولية كاملة، وبما أن كل عمل وسلوك في دورة حياة الجريمة المتسلسلة يمثل حلق وصل لاستمرار سلسلة الجرائم المتتالية لزم تشديد العقوبات عند التستر أو دعم إفلات المسؤولين والمستفيدين من المسؤولية والعقاب. 
    من أولويات نجاح المكافحة التركيز على المرض لا الاعراض أي توجيه الضربات القاضية  إلى المصادر الأساسية والمنابع الحقيقية لبروز أفة المخدرات وتوفيرها، وهنا نقصد المواطن والمنشأ للانتاج و زراعة وتحضير  وتصنيع المخدرات، لتجفيف منابعها بذلك يكون نصف الشوط قد عولج.
    إعادة صياغة التشريع لمواجهة جريمة المخدرات بما يتناسب مع خطورتها واثارها المدمرة  وخصوصيتها  من حيث اعتبارها جريمة متكاملة في حلقاتها المتتالية فكل فعل يمثل دور وحلقة في سلسلة متصلة، ويمثل السلسلة الهامة للعلم والإدراك المسبق وتوفر النية والقصد باستمرار العملية من الإنتاج إلى الاستهلاك مع معرفة آثارها المدمرة،ووعيه بأن دوره يمثل دورة حياة الجريمة بأفعالها المختلفة،  بالإضافة إلى اعتبار الدور او السلوك الإجرامي  ضمن جرائم المخدرات هو مشاركة حقيقية في كافة أجزاء الجريمة المركبة لكونها جريمة تمالؤو بامتياز، بإدراك ووعي الجاني أن دوره  أساسي في  سلسلة الجريمة، وامتناعه عن القيام بهذا الدور يلغي كافة الحلقات السابقة واللاحقة… 
    ناهيك عن توفر الإدراك  للدور والعلم المسبق بأن السلوك المنفذ له نتائج وعواقب وخيمة اجرامية غير سوية او محسوبة،و مع العلم المسبق أن الدور والفعل الاجرامي الذي قام به ونفذه له توليد حاجة غير طبيعة  بصورة مستمرة سيسعى المتعاطي إلى إشباعها بصورة غير عادية او طبيعية، انما تتحول إلى مصدر إجبار واكراه- وهو ما يسمى بظاهرة الإدمان-  وقد قصد ذاك الدور وقصد خلق تلك الحالة وقصد النتائج كافة حتى وإن لم يعلم ماهي بالتحديد فهو يدرك جسامة المخاطر على الشخص  ذاته والآخرين من حوله،  بالتالي تطلب الأمر توحيد العقوبات على كافة الأدوار تتناسب وتردع كل دور، بالإضافة إلى أنه سيسهل توحيد وفرض عقوبة واحدة في كل أقطار العالم.
    وبناء على ما تقدم  فالأصل في الحرب والمواجهة والمكافحة للمخدرات وجرائمها  التركيز على الأدوار الأساسية التي بمعالجتها ومكافحتها تختفي الأدوار الأخرى تلقائيا لتجفيف منبعها وبالتالي التركيز على العنصر الاساسي البشري بمهاجمة وتتبع الرأس المدبر المستثمر في تدمير الإنسان والإنسانية بنشر سمومه القاتلة للفرد والمجتمع، فتركيز الجهود  والعمليات الضبطية للتجار والمستثمرين في هذا الإطار هي الطريق الأنجح. 
    ووفقا لذلك ونظرا لتستر وافلات المستفيدين وأرباب جرائم نشر تعاطي المخدرات لزم عند ضبط أي دور أو قائم بالدور إرشاده وإبلاغه بأهمية وضرورة  الإفصاح عن حلقات العملية الإجرامية الكاملة وكل ما يعرف بهذا الخصوص وكذلك تحذيره من مغبة الصمت وإخفاء المعلومات لان ذلك التصرف يضاعف العقوبات التراكمية إلى درجة تحميله تبعات مسؤولية الأدوار الكاملة المكونة  للسلسلة الإجرامية ويجب إقرار ذلك وتشريعه قانون موحد والذي من شأنه القضاء على الظاهرة والحد منها وتشكيل الرادع الحقيقي للسلوك في هذا المضمار. 
    بهذه الطريق والأسلوب في مواجهة الجريمة تشكل معالجات تشريعية وضبطية و قضائية عادلة ورادعة للمغامرين ومحاصرة الافعى الكبرى في العملية وقطع الأوصال والارتباطات وإضعاف الحلقات الممزقة.
    إعداد وتنفيذ آلية شامل كاملة متفق عليها من قبل مختلف الدول ملزمة ومحددة  لطبيعة التعاون والتنسيق وتبادل المعلومات والخبرات والتجارب  والأدوات والوسائل في إطار برامج  التوعية والوقاية، وآليات ونظم مكافحة المخدرات على المستوى الاقليمي والدولي لتعزز تكامل الجهود في حرب التنظيمات المنخرطة في تجارة المخدرات وتهريبها والأنشطة المختلفة التي تعزز انتشار ظاهرة الإدمان، واحباط عمليات التخادم بين التنظيمات المتخصصة بالجرائم المنظمة  . 
    تفعيل  وتعزيز دور و برامج وجهود منظمات وهيئات ومؤسسات  المجتمع على المستوى الدولي والمحلى في مجال الوقاية من المخدرات وممارسة الرقابة على الظاهرة بكافة ابعادها ونشر الوعي بمخاطر المخدرات المدمرة وعواقبها الوخيمة وكشف أساليب وطرق التهريب و الترويج والتسويق ومخططات نشر الوباء. 
    تعزيز وتوحيد جهود التعاون والشراكة في معالجة عوامل وبؤر الانتشار،ودعم وتعزيز ادارة و برامج إعادة التأهيل والادماج … 

    تفعيل دور مؤسسات التنشئة الإجتماعية وتفعيل برامج الشراكة في اطار التطبيع الاجتماعي وتعزيز الوعي والثقافة المجتمعية لدى الأفراد والجماعات بمخاطر وكوارث المخدرات، وسبل الوقاية منها والمشاركة الفاعلة والفعالة في الوقاية منها ودعم الأجهزة الرسمية والأمنية المتخصصة في محاربتها عبر الإبلاغ وتقديم المعلومات التي بموجبها تتكامل العملية الوقائية والمكافحة للحد من انتشار المخدرات  وضبط  ومعاقبة العناصر والجماعات والتنظيمات المشتغلة في مجال جرائم تجارة المخدرات ونشر التعاطي وتعزيز  الإدمان. 
    ابرام تشريع وتنظيم دولي لمكافحة المخدارات . 
    وضع أليات ومعالجات موضوعية وفاعلة لعزل شرعنة أموال وعائدات وتجارة المخدارات وغسيل الموال. 
    تبني برنامج وآلية دولية لمراقبة ومعالجة ثغرات استغلال التكنولوجيا وتقنية المعلومات والاتصال والذكاء الاصطناعي في تجارة  وانتشار المخدرات ومعالجة مواطن اساءة استخدامها في الترويج والاستقطاب والتسويق للأفة…


  •  

    مقتطفات